السؤال: جزاكم الله عن الإسلام، والمسلمين خير الجزاء لهذا الموقع الهادف، وأود أن أسال سؤالا..قد أشكل علي فهمه.
لماذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث يرويه عمر رضي الله عنه: أنه سمع الرسول صلى الله عليه وسلم قال: لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلما؟ مع أنه عليه السلام قدم المدينة واليهود والنصارى مجتمع واحد متآلف، ويخضعون للنظام الإسلامي والدولة الإسلامية، وذلك في الوثيقة التي أنشاها الرسول لتنظيم مجتمع المدينة؟
وأريد ردكم على من يقول أن الرسول لا يريد التسامح، وأنه قد أخذ حاجته من بداية الدعوة، وعند اكتمال الدعوة طردهم، وحاشاه من فعل ذلك، وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mohammad banisalman حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
مرحبا بك أخي الحبيب في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا، وما ذكرته من الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه صلى الله عليه وسلم أراد إخراج المشركين كافة، ومنهم اليهود والنصارى من جزيرة العرب حديث صحيح رواه الإمام مسلم في صحيحه وغيره.
والجواب عنه أيها الحبيب مع ما ذكرت من إقراره صلى الله عليه وسلم لليهود في المدينة زمنا قد ذكره أهل العلم في كتبهم عند شرحهم لهذا الحديث، وبينوا فيه أن هذا مما نسخه الله تعالى من الأحكام فقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم في أول أمره اليهود على السكن معه في المدينة، ثم نسخ الله تعالى هذا الحكم، وأمره بإخلاء الجزيرة من المشركين؛ لأنها بلاد الإسلام الأولى، وهي محاضنه، وإليها يرجع في آخر الزمان فأراد الله تعالى أن تكون هذا البقعة خالصة لدينه الخالص لا يقر فيها الكفار، ولله عز وجل أن يحكم بما يشاء، فالأرض ملكه والعباد عباده، فلا اعتراض عليه سبحانه وتعالى، فالشأن كل الشأن في أن يثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت ولا غرابة في هذا.
وأما ما ذكرته من كونه صلى الله عليه وسلم قد عاش معه اليهود والنصارى في مجتمع واحد متآلف يخضعون للنظام الإسلامي فالجواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى اليهود والنصارى الآمان، وعاشوا تحت ظلال دولة الإسلام آمنين، ولكنهم مع ذلك لم يتركوا طباعهم القديمة من الغدر والخيانة، وحصل ما حصل منهم للنبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، والمعارك أو الغزوات مشهورة في إجلائه صلى الله عليه وسلم للقبائل الثلاث اليهودية في المدينة بسبب غدرهم وخداعهم، ثم كان الأمر على ما قلنا من أن الله تعالى نسخ هذا بأمره صلى الله عليه وسلم بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، وكان هذا مما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم أمته بعد ذلك.
ولكن العلماء يختلفون في تحديد جزيرة العرب المقصودة في الحديث، هل هي تشمل كل الأرض من البحر الأحمر غربا إلى الخليج الغربي شرقا، وإلى اليمن، أو إلى بحر اليمن، أو الخليج العربي جنوبا، وإلى أوائل الشام شمالا، هل هذا هو المقصود؟ أم المقصود الحجاز أي مكة، والمدينة، واليمامة كل ذلك محل خلاف طويل بين أهل العلم محله كتب الحديث التي تبين اختلاف العلماء في ذلك.
وقد أجاب أهل العلم أيضا عما حصل من أمراء المسلمين، وحكامهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم من إقرار بعض الكفار في بعض بلاد الجزيرة كاليمن، ونحوها بأنه أمر خاضع للمصلحة الشرعية، فربما كان في بقائهم مصلحة للإسلام، أو ربما كان إجلاؤهم يترتب عليه مفسدة أعظم من المصلحة التي تحصل بإجلائهم، فكان إبقاؤهم، وإقرارهم من الحكام في تلك الأزمان أمر خاضع للمصالح والمفاسد، وهذا مما لا خلاف بأن الشريعة جاءت بإقراره، وتحصيله على أكمل الوجوه.
نسأل الله تعالى أن يبصرنا وإياك في دينه.
الكاتب: الشيخ/ أحمد الفودعي
المصدر: موقع الشبكة الإسلامية